الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية استثناء الصحفيين من الافصاح عن المصادر وكشف السر المهني: هل جاء القانون للتستر عن الارهابيين؟

نشر في  05 أوت 2015  (11:53)

اتفق أعضاء لجنة التوافقات على تعديل الفصل 35 من مشروع قانون مكافحة الارهاب واضافة الصحفي الى قائمة المستثنين من افشاء «السر المهني « عند اطلاعه على معلومات وارشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية، وقد أثار هذا الفصل تحديدا ردود أفعال كبيرة وضجة اعلامية، ففي حين رأت المنظمات الحقوقية والصحفية أن  استثناء الصحفيين من إفشاء السر المهني، إلى جانب المحامين والأطباء يعد انجازا ويحمي حرية الاعلام والصحفي،  فان أطرافا أخرى وخاصة أمنية منها رأت أنه لا يجب أن تكون هناك استثناءات مع محاربة الارهاب وأن كل شخص مهما كانت صفته تحمل مسؤوليته والابلاغ وعن طواعية عن أدق وأبسط المعلومات التي يمتلكها حول أي عملية أو اشخاص لهم صلة بالارهاب دون التعلل بحماية المصادر أو رفض كشف السر المهني   
ويذكر أن احكام الفصل 35 لا تنطبق على الوالدين والقرين والأبناء والصحفيين والمحامين والاطباء وينص الفصل على أنه « يعد مرتكبا لجريمة ارهابية ويعاقب بالسجن من عام إلى خمسة أعوام وبخطية من خمسة آلاف دينار إلى عشرة آلاف دينار كل من يمتنع، ولو كان خاضعا للسر المهني، عن إشعار السلط ذات النظر فورا بما أمكن له الإطلاع عليه من أفعال وما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون أو احتمال ارتكابها. ويستثنى من أحكام الفقرة المتقدمة الوالدان والأبناء والقرين...
ونظرا لهذا الجدال الكبير الذي خلفه الفصل 35 من مشروع مكافحة الارهاب، اتصلت أخبار الجمهورية ببعض المعنيين بالأمر ورصدت مواقفهم ومواقف من يخالف رأيهم وكانت هذه اجاباتهم .

زياد الهاني : تعديل الفصل 35 انتصار لمصلحة تونس

اعتبر الاعلامي زياد الهاني أن الفصل 35 في صيغته النهائية التي تمت المصادقة عليه انجاز لحرية الاعلام وانتصار لمصلحة تونس وتوفير اكبر ضمانات لحماية أمنها من التهديدات الارهابية، مبينا أن هذه الصيغة النهائية جنبت تونس الوقوع في منزلقين خطيرين، أولهما هو دعاة تكميم حرية الاعلام بدعوى المحافظة على الأمن والتصدي للارهاب أما المنزلق الثاني فهو دعاة الاحتفاظ المطلق للصحفيين بالسرّ المهني وهو ما من شأنه أن يمكن من استغلال الاعلام كأداة لخدمة اجندات ارهابية، مشيرا الى أنه لو تم السقوط في مسألة منع الاعلام من التعاطي مع القضايا الارهابية باسم الحفاظ على الأمن ما كان سيكشف لنا على سبيل المثال التواطؤ الذي وقع في عملية اغتيال الشهيد محمد البراهمي وما كان للوثيقة أن تظهر للعلن وتكشف المؤامرة.. مضيفا أنه لم لو في نفس الوقت اعتماد مطالب الطرف الثاني لأصبح اعلامنا من صنف اعلام البحث عن الكنوز مثلما حصل في قبلاط وحليفا للارهاب.
وأكد الهاني أن احتفاظ الصحفي بالسر المهني وعدم كشفه مصادره ليس مطلقا حسب الفصل 35 من قانون الارهاب بل لا يمكن كشفه الا بطلب من القاضي وهو نفس المبدأ الذي سبق اقراره بالفصل 11 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المتعلق بحرية الصحافة وفي نفس الوقت فان الاستثناء سواء تعلق بالصحفيين أو الأطباء او بالمحامين وحسب الفقرة قبل الاخيرة من الفصل 35 لا ينسحب  الاستثناء على المعلومات التي يطلعون عليها ويؤدي اشعار السلط بها الى ارتكاب جرائم ارهابية في المستقبل، وبالتالي فالصحفي كما المحامي والطبيب مطالبون بالابلاغ عن اية جريمة ارهابية سيتم ارتكابها والا اعتبروا شركاء في الارهاب، مبينا أن هذا الاستثناء عادي ومقبول ومسؤول وهو يشمل كذلك الوالدين والأبناء والقرين حيث أنه من غير المقبول أن يتم السكوت عن ارتكاب مجزرة في حق الأبرياء فقط بدعوى أننا لا نريد الكشف عن مصدر هذه العملية الارهابية على حد تعبيره...

ناجي البغوري: تجنبنا تحويل الصحفي الى مخبر

من جهة اعتبر رئيس نقابة الصحفيين ناجي البغوري أن النسخة القديمة من الفصل 35 تفيد أن الصحفي مطالب بالابلاغ ومن تلقاء نفسه عن أي معلومة قد يتحصل عليها الى الجهات الرسمية ، أي تحويله الى مجرد مخبر، مؤكدا أن النسخة الحالية تفيد ان الصحفي ملزم ايضا بالتبليغ لكن للقضاء وذلك حسب المرسوم 115 والذي يفيد ان الصحفي لا يدلي باي معلومات الا للضرورة القصوى وامام القضاء ..
وأكد البغوري أن رصيد الصحفي هو مصادر معلوماته، ومن الطبيعي أن يرفض التصريح عن هوية مصادره خشية فقدانها.
وافادنا رئيس نقابة الصحفيين ان هذا التعديل واضافة الصحفيين الى قائمة المستثنين من افشاء السر المهني يعد انجازا طالما حاربت من اجله النقابة، مؤكدا ان الصحفي لم يكن يوما محايدا مع الارهاب ...

محمد الفوراتي: النسخة الاولية من الفصل 35 سابقة في دساتير الدول

وبين رئيس تحرير جريدة الفجر محمد الفوراتي أن الصحفي لا يجب أن يفرط في مصدر معلوماته وأن يكشف سره المهني وهو المعمول به في كل دول العالم.. مضيفا انه ليس مضطرا لفعل ذلك وأن النسخة الاولى من الفصل 35 والتي تجبر الصحفي على افشاء مصدر معلوماته كانت عبارة عن سابقة في تاريخ دساتير الدول ..
ولئن أكد الفوراتي أن مكافحة الارهاب تتطلب اجراءات استثنائية، فانه أضاف أن الاعلامي هو شخص مسؤول في نقل معلوماته ولا يمكن له الا  أن يساهم في مكافحة الارهاب..
وأفادنا محدثنا أنه لو تمت المصادقة على الصيغة الاولية للفصل لكان الصحفي مجرد مخبر غصبا عنه ويتعرض الى مضايقات وهرسلة تحت طائلة الحق في مكافحة الارهاب، كما كان من الممكن أن تستغل بعض الجهات الصحفي لأغراض شخصية ...

علي زرمديني: مع الارهاب لا وجود لاستثناءات  

وعلى خلاف كل من تحدثنا اليهم سابقا رأى الخبير الأمني علي زرمديني أن مصلحة البلاد ونية العدو وترصده لمقومات الدولة تقتضي عدم وجود أي استثناءات، مبينا أن الارهاب جريمة غير عادية ومن الطبيعي أن يتحرك كل شخص للابلاغ او التنبيه من وقوع عمل اجرامي، والا ينظر الى نفسه بصفته متمتعا بحصانة قانوية، لانه وكما يوجد قانون هناك فلسفة القانون على حد تعبيره، مشيرا الى أن  العدو في هذه المرحلة غير عادي ومهمته الوحيدة هلاك الدولة وبالتالي من واجب الجميع محاربته وذلك بتقديم اي معلومة ولو كانت بسيطة تهمه ومن شأنها ان تساهم في القضاء عليه، مبينا انه لا حياد مع الارهاب، وانه يجب التفرقة بين حرية التعبير والمس من أمن الدولة لأن الارهاب يترصد الجميع دون استثناء وخاصة الصحفي والطبيب والمحامي وكل النخبة المثقفة التي باتت مستهدفة شأنها شأن «الطواغيت» ..
واشار علي الزرمديني ان مسؤولية الصحفي لا تقل اهمية عن مسؤولية رجل الامن، وكلاهما مطالبان بالتصدي للارهاب وعدم التكتم عن اي معلومة ولو بدافع السر المهني ...وختم حديثنا بالتأكيد أن الصحفي يجب ان يكون في طليعة القوى التي تكشف عن الخلايا الارهابية لا التعلل بعدم ذكر مصادر معلوماته وسره المهني، موضحا ان كل صحفيي العالم يشتغلون لصالح هياكل أمنية محددة .

قيس سعيد: من الخطأ وضع مكافحة الارهاب والحقوق والحريات في كفتي ميزان

اما استاذ القانون الدستوري قيس سعيد فلم يفصح صراحة عن موقفه من المسألة واكتفى بتحليله حيث ذكر أن هذا الموضوع اثير في اكثر من مناسبة وتم التطرق اليه بنفس المقاربة وبنفس هذه المواقف المتعارضة، مشيرا الى ان الصيغة النهائية لم تصدر بعد بالرائد الرسمي وبالتالي لا يمكن الحديث عن شكل نهائي له ..
اما بالنسبة الى السر المهني فاكد محدثنا انه تم منذ البداية اقرار الاطباء والمحامين في قائمة الاستثناءات وتم استثناء الصحفيين في مرحلة أولى لكن ردة فعل عديد المنظمات اعادت هذا الاستثناء الى النقاش مجددا... وأكد سعيّد أن القضية أعمق من كونها تختصر في السر المهني لأن القضية هي محاربة الارهاب، مبينا في الآن ذاته انه لا يجب أن توضع مقاومة الارهاب في كفة والحقوق والحريات في كفة أخرى، مذكرا بما أقرته الأمم المتحدة في اطار الجمعية العامة من قرارات تتعلق بضرورة حماية الحريات في سياق مكافحة الارهاب، مذكر ايضا بما جاء على لسان الأمين العام للامم المتحدة بعد عملية باردو من أن التضييق على الحريات في سياق مكافحة الارهاب هو أمر غير مجد ...
وبين قيس سعيد ان من بين القرارات الصادرة عن الجامعة العامة للامم المتحدة استراتيجية الامم المتحدة العالمية لمكافحة الارهاب وخطة العمل الملحقة بها المعتمدة بتاريخ 8 سبتمبر 2006، وخاصة مرتكزها الرابع الذي جاء تحت عنوان «التدابير الرامية لضمان حقوق الانسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الاساسية لمكافحة الارهاب «، مبينا في نفس الوقت ان الأمر لا يقتصر بالتالي على استثناء أو على الرجوع في الاستثناء مشيرا الى أن تعدد الاستثناءات أو تقلصها ووضعها في ميزان احدى كفتيه مقاومة الارهاب والكفة الثانية الحقوق والحريات فان المقاربة ستكون نفس المقاربة التي اثبتت التجارب في العالم فشلها ..

عبد الله العبيدي: الصحفي اول المستهدفين وعليه عدم التعلل بحماية المصادر

شأنه شأن علي الزرمديني رأى الخبير الأمني عبد الله العبيدي أنه عندما يتعلق الأمر بأرواح الناس لا يمكن الحديث عن استثناءات، لأن الصحفي يتحول انذاك الى مواطن تونسي،  يكون هو  أو عائلته أو محيطه مستهدفين من قبل الارهاب، وخير دليل على ذلك ما عاشته الجزائر من استهداف للصحفيين الذي اضطروا في فترة معينة الى الهجرة ومغادرة بلادهم، وأكد محدثنا ان اول اهداف الارهاب هو محاربة الحرية والاعلاميون هو دعاة الحرية وبالتالي هم اول المستهدفين...
وذكر عبد الله العبيدي ان هناك مسائل خطيرة تتعلق بالامن العام وبالتالي لا يجب ان تكون هناك استثناءات ولو بسيطة ومن واجب كل شخص ابلاع الهياكل المعنية بأي معلومة والا يلتزم الصمت بدفاع الحفاظ عن مصادره أو عدم الكشف عن سره المهني...

إعداد: سناء الماجري